



إن لكل شـيء قلبـاً وقلب القـرآن ((يـس))
جاء في الرواية الشريفة التي نقلها جميع المفسرين عن كتب الأخبار المعتبرة :
(( إن لكل شيء قلباً وقلب القرآن سورة يس )) .
عندما ننظر إلى أعضاء الجسم كمجموعة واحدة ، نجد أن القلب يشكل مركز تلك المجموعة ومنه تدار الجسد ، فبخفقانه يبقى الجسم حياً ويواصل عيشه ، وبتوقفه يموت .
قلب القـرآن سـورة (( يـس ))
إن التشبيه الذي ورد في هذه الرواية الشهيرة ووصفت فيها سورة ((يس)) بأنها قلب القرآن ، يوضح مدى أهمية هذه السورة المباركة ، هذا مع العلم أن القرآن كله معجزة ووحي إلهيان ، إلا أن سورة ((يس)) خاصة ، تتمع بمزايا أكثر ، تظهر بوضوح من خلال الرجوع إلى الروايات الواردة في فضل هذه السورة ، وفضل قراءتها والعمل بها .
ويبدو أن هناك سببين لهذا التشبيه نذكرهما بشكل مجمل :
من هـو قلب عالـم الوجـود ؟
من البديهي لدى المسلمين أن أفضل المخلوقات هو الإنسان الذي منّ الله سبحانه وتعالى عليه بالعقل ، ووهبه قابلية الإيمان به وتوحيده ، حتى يعترف بوحدانية خالقه وخالق الكل ، وحتى لا يعبد غيره . وطبقاً لما نص عليه القرآن المجيد ، فإن إيجاد عالم الخلق ، هو مقدمة لهذه الغاية حيث يقول تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا) .
إن ذلك الدين المقدس الذي يقوم في الأساس على العلم ، ويعتبر أنّ معيار القرب المبعوث إلى الله هو في معرفة الحق تعالى ، إن ذلك الدين هو الإسلام الذي يعتبر المبعوث به نفسه أول عارف بالله، وأول عبد يترقّى في مدراج المعرفة والعبودية ، والقرآن الذي نزل على قلبه المقدس يشهد على هذه الحقيقة .
يمكن مما تقدم الإيقان جيداً ، بأن قلب محمداً (صلّى الله عليه وآله) هو قلب عالم الوجود إذ : (( لولاك لما خلقت الأفلاك )) . فالموجودات كلها إذاً إنما وجدت بغرض وجود الرسول محمد وآله (صلى الله عليه وآله) .
((يـس)) هـو سيـد الأنبيـاء محمـد (صلى الله عليه وآله)
بناء على ذلك فإن السورة التي تكون ، خاصة بمحمد وآله صلوات الله عليهم أجمعين ، تصبح بالتالي قلباً للقرآن جميعه ،
طالما أن قلب رسول الله محمداً نفسه هو قلب عالم الوجود ، والله عز وجل يخاطب ابتداء من الآية الأولى سيد الأنبياء محمداً (ص) ويقسم بالقرآن الحكيم : إنه ( أي محمداً (ص) ) لمن مرسلي الله بالحق .
إن قلب محمداً (صلى الله عليه وآله) أي مقام الخلافة هو قلب الكون ومركز الوجود .
إذن كلمة (يس) هو المقام الباطني لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله .
وإنما سميت قلب القرآن لأن باطنها محتو على سر محمد لمن عرف، فقال سبحانه: يس * والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين (2)، والياء والسين اسم محمد ظاهرا وباطنا،
فقال: يا حبيبي يا محمد بحق اسمك الظاهر والباطن في الياء والسين، إنك رسولي بالحق إلى سائر الخلق.